سورة غافر - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (غافر)


        


{وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ} أي: اذكر يا محمد لقومك إذ يختصمون، يعني أهل النار في النار، {فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا} في الدنيا، {فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ} والتبع يكون واحدًا وجمعًا في قول أهل البصرة، وواحده تابع، وقال أهل الكوفة: هو جمع لا واحد له، وجمعه أتباع.
{قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ} حين اشتد عليهم العذاب، {لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ}.
{قَالُوا} يعني خزنة جهنم لهم، {أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا} أنتم إذًا ربكم، إنا لا ندعو لكم، لأنهم علموا أنه لا يخفف عنهم العذاب. قال الله تعالى: {وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ} أي: يبطل ويضل ولا ينفعهم.


قوله عز وجل: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} قال ابن عباس: بالغلبة والقهر. وقال الضحاك: بالحجة، وفي الآخرة بالعذر. وقيل: بالانتقام من الأعداء في الدنيا والآخرة، وكل ذلك قد كان للأنبياء والمؤمنين، فهم منصورون بالحجة على من خالفهم، وقد نصرهم الله بالقهر على من ناوأهم وإهلاك أعدائهم، ونصرهم بعد أن قتلوا بالانتقام من أعدائهم، كما نصر يحيى بن زكريا لما قتل، قتل به سبعون ألفًا، فهم منصورون بأحد هذه الوجوه، {وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ} يعني: يوم القيامة يقوم الحفظة من الملائكة يشهدون للرسل بالتبليغ وعلى الكفار بالتكذيب.
{يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ} إن اعتذروا عن كفرهم لم يقبل منهم، وإن تابوا لم ينفعهم، {وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ} البعد من الرحمة، {وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} يعني جهنم.
{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى} قال مقاتل: الهدى من الضلالة، يعني التوراة، {وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ} التوراة.
{هُدًى وَذِكْرَى لأولِي الألْبَابِ}.
{فَاصْبِر} يا محمد على أذاهم، {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ} في إظهار دينك وإهلاك أعدائك {حَق} قال الكلبي: نسخت آية القتال آية الصبر، {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} هذا تعبد من الله ليزيده به درجة وليصير سنة لمن بعده، {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} صلِّ شاكرًا لربك {بِالْعَشِيِّ وَالإبْكَارِ} قال الحسن: يعني صلاة العصر وصلاة الفجر. وقال ابن عباس: الصلوات الخمس.
{إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ} ما في قلوبهم، والصدر موضع القلب، فكنى به عن القلب لقرب الجوار، {إِلا كِبْرٌ} قال ابن عباس: ما يحملهم على تكذيبك إلا ما في صدورهم من الكبر والعظمة، {مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ} قال مجاهد: ما هم ببالغي مقتضى ذلك الكبر، لأن الله عز وجل مذلهم.
قال ابن قتيبة: إن في صدورهم إلا تكبر على محمد صلى الله عليه وسلم وطمع في أن يغلبوه وما هم ببالغي ذلك.
قال أهل التفسير: نزلت في اليهود، وذلك أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن صاحبنا المسيح بن داود- يعنون الدجال- يخرج في آخر الزمان، فيبلغ سلطانه في البر والبحر، ويرد الملك إلينا، قال الله تعالى: {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} من فتنة الدجال، {إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.


{لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ} مع عظمهما، {أَكْبَر} أعظم في الصدور، {مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} أي: من إعادتهم بعد الموت، {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ} يعني الكفار، {لا يَعْلَمُونَ} حيث لا يستدلون بذلك على توحيد خالقها. وقال قوم: أكبر أي: أعظم من خلق الدجال، {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} يعني اليهود الذين يخاصمون في أمر الدجال.
وروي عن هشام بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من خلق الدجال».
أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن أحمد الطاهري، أخبرنا جدي عبد الصمد بن عبد الرحمن البزار، أخبرنا محمد بن زكريا العذافري، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الدبري، حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن قتادة عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد الأنصارية قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي فذكر الدجال، فقال: «إن بين يديه ثلاث سنين: سنة تمسك السماء ثلث قطرها، والأرض ثلث نباتها، والثانية تمسك السماء ثلثي قطرها، والأرض ثلثي نباتها، والثالثة تمسك السماء قطرها كله، والأرض نباتها كله، فلا يبقى ذات ظلف ولا ذات ضرس من البهائم إلا هلك، وإن من أشد فتنته أنه يأتي الأعرابي فيقول: أرأيت إن أحييت لك إبلك أليس تعلم أني ربك؟ قال: فيقول: بلى، فيتمثل له نحو إبله كأحسن ما يكون ضروعًا وأعظمه أسنمة، قال: ويأتي الرجل قد مات أخوه ومات أبوه فيقول: أرأيت إن أحييت لك أباك وأخاك ألست تعلم أني ربك؟ فيقول: بلى، فيتمثل له الشيطان نحو أبيه ونحو أخيه». قالت: ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته، ثم رجع والقوم في اهتمام وغم مما حدثهم، قالت: فأخذ بلحمتي الباب فقال: مهيم أسماء؟ فقلت: يا رسول الله لقد خلعت أفئدتنا بذكر الدجال، قال: «إن يخرج وأنا حي فأنا حجيجه، وإلا فإن ربي خليفتي على كل مؤمن»، قالت أسماء فقلت: يا رسول الله والله إنا لنعجن عجينًا فما نخبزه حتى نجوع فكيف بالمؤمنين يومئذ؟ قال: «يجزيهم ما يجزئ أهل السماء من التسبيح والتقديس».
وبهذا الإسناد قال: أخبرنا معمر، عن ابن خثيم، عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يمكث الدجال في الأرض أربعين سنة، السنة كالشهر، والشهر كالجمعة، والجمعة كاليوم، واليوم كاضطرام السعفة في النار».
أخبرنا أبو سعيد الطاهري، أخبرنا جدي عبد الصمد بن عبد الرحمن البزار، أخبرنا محمد بن زكريا العذافري، أخبرنا إسحاق الدبري، حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله، ثم ذكر الدجال فقال: «إني لأنذركموه، وما من نبي إلا أنذر قومه، لقد أنذر نوح قومه، ولكني سأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه: تعلمون أنه أعور وإن الله ليس بأعور».
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا جويرية عن نافع عن عبد الله قال: ذكر الدجال عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إن الله لا يخفى عليكم، إن الله ليس بأعور، وأشار بيده إلى عينه، وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية».
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر الجرجاني، أخبرنا عبد الغافر بن محمد الفارسي، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، حدثنا مسلم بن الحجاج، حدثنا علي بن حجر، حدثنا شعيب بن صفوان عن عبد الملك بن عمير عن ربعي بن حراش عن عقبة بن عمرو بن مسعود الأنصاري قال: انطلقت معه إلى حذيفة بن اليمان فقال له عقبة: حدثني ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدجال؟ قال: «إن الدجال يخرج وإن معه ماء ونارًا، فأما الذي يراه الناس ماء فنار تحرق، وأما الذي يراه الناس نارًا فماء بارد عذب، فمن أدرك ذلك منكم فليقع في الذي يراه نارًا فإنه ماء عذب طيب» فقال عقبة: وأنا قد سمعته، تصديقًا لحذيفة.
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثني إبراهيم بن المنذر، حدثنا ابن الوليد، حدثنا ابن عمرو وهو الأوزاعي، حدثنا إسحاق، حدثني أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال إلا مكة والمدينة، ليس من نقابها إلا عليه الملائكة صافين يحرسونها، ثم ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات، فيخرج إليه كل كافر ومنافق».
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي، أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله الطيسفوني، أخبرنا عبد الله بن عمر الجوهري، حدثنا أحمد بن علي الكشمهيني، حدثنا علي بن حجر، حدثنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يأتي المسيح من قبل المشرق وهمته المدينة، حتى ينزل دبر أحد، ثم تصرف الملائكة وجهه قبل الشام، وهناك يهلك».
أخبرنا أبو سعيد الطاهري، أخبرنا جدي عبد الصمد البزار، أخبرنا محمد بن زكريا العذافري، أخبرنا إسحاق الدبري، ثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر عن هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يتبع الدجال من أمتي سبعون ألفًا عليهم السيجان» ويرويه أبو أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مع الدجال يومئذ سبعون ألف يهودي كلهم ذو تاج وسيف محلى».

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7